مقدمة
تُعد الهجرة ظاهرة معقدة ومتعددة الأوجه تصوغ حياة الملايين في جميع أنحاء العالم. ويشهد الشرق الأوسط- على وجه الخصوص- أنماط هجرة كبيرة، حيث يبحث الأفراد عن الفرص والاستقرار ونوعية حياة أفضل في البلدان المضيفة. تمثل هجرة العودة- وهي إحدى أشكال الهجرة المختلفة، حيث يقرر الأفراد العودة إلى بلدانهم الأصلية- منظورا استثنائياً يمكننا من خلاله فهم التداخل الدقيق بين العوامل الاقتصادية والاجتماعية والعاطفية التي تؤثر على تلك القرارات.
تستكشف دراسة الحالة هذه الديناميكيات المعقدة لهجرة العودة، وتستعرض على وجه التحديد تجارب المهاجرين المصريين الذين عاشوا سابقًا في الأردن. ومن المعروف أن هجرة المصريين إلى الأردن تمثل حدثاً مؤقتاً، على الرغم من أن عدداً كبيراً منهم قد أقاموا لمدة طويلة في الأردن. ومع ذلك، لا يتبنى الأردن إدماج هؤلاء المهاجرين بفعالية ولا يمنحهم فرصة الحصول على الجنسية الأردنية، مما يفضي إلى عودتهم الحتمية إلى مصر في نهاية المطاف.
تتناول الدراسة-من خلال المقابلات المعمقة- دوافع العودة إلى الوطن، وعمليات اتخاذ القرار المعقدة التي يدرسها الأفراد، وردود الفعل العاطفية عند العودة إلى وطنهم. تشمل المواضيع الرئيسية لم شمل الأسرة، والتقدم في العمر والمخاوف الصحية، وظروف العمل، والأهداف المالية، والدوافع العاطفية، والتأثير المجتمعي وتأثير جائحة كورونا. تكشف النتائج عن تداخل دقيق بين العوامل التي تشكل رحلة العودة وتساهم بتوفير رؤى قيمة في المجال الأوسع لدراسات الهجرة.
ومع استمرار تطور ديناميكيات الهجرة، يصبح فهم دوافع العودة أمرًا بالغ الأهمية لواضعي السياسات والباحثين والمجتمعات على حد سواء. من خلال البحث في حالة المهاجرين المصريين في الأردن تحديدًا، لا تسهم دراسة الحالة هذه الأدبيات الحالية حول رحلة العودة، ولكنها تقدم رؤى في الحوار الأوسع حول أنماط الهجرة في منطقة الشرق الأوسط.
نستعرض في الأقسام التالية النتائج الأولية للدراسة، ونتطرق إلى الدوافع، وعمليات اتخاذ القرار، وردود الفعل العاطفية، والاعتبارات المستقبلية التي تتسم بها تجارب المهاجرين الذين اختاروا العودة إلى مصر. نهدف من خلال هذا الاستكشاف إلى توفير فهم شامل للعوامل التي تشكل الخيارات التي يلجأ إليها المهاجرون العائدون والمساهمة في الحوار المستمر حول تعقيدات التنقل البشري في العالم المعاصر.